ستفتح تايلاند أبوابها لكرة القدم العالمية مرة أخرى حين تستضيف كونغرس FIFA الرابع والسبعين في عاصمتها بانكوك في 17 مايو/آيار 2024. ولم يكن من قبيل المصادفة أن يقع الاختيار على الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا لتحتضن هذه الفعالية المهمة.

ففي سبتمبر/أيلول 2023، صرّح جياني إنفانتنيو رئيس FIFA خلال اجتماع مع رئيس وزراء تايلاند، سريتا تافيسين، قائلاً: "أثبتت تايلاند تميزها في استضافة البطولات كما تتميز بالرغبة والدافع في النهوض باللعبة داخل وخارج الملعب." قبل ذلك بأيام قليلة، كانت تايلاند قد استضافت دورة FIFA للقيادة الفنية.

كشفت تايلاند لأول مرة عن قدرتها على تنظيم البطولات في 2004 حين استضافت كأس العالم للسيدات تحت 19 سنة FIFA™، كما تجلّت موهبتها في التنظيم في 2012 حين احتضنت نسخة لا تنسى لكأس العالم لكرة الصالات FIFA، وهي البطولة التي ساعدت في أن تصبح كرة الصالات رياضة رئيسية في البلاد.

من جهتها قالت سوثيبورن بونيابوغانا، مسؤول الاتصال الخاص بمنتخب أسبانيا في نهائيات 2012 لموقع FIFA.com/Inside FIFA: "امتلئت الملاعب في كل مباراة خاضتها تايلاند سواء أقيمت في بانكوك أو في أي مكان آخر. كانت الأجواء استثنائية. دعم المشجعون منتخب بلادهم بكل الطرق الممكنة، كما أسفرت المباريات عن إثارة كبيرة لدى الجماهير."

وواصلت التايلاندية التي تعمل الآن في قسم كرة الصالات لدى الاتحاد التايلاندي لكرة القدم حديثها قائلة: "وصلت تايلاند إلى مرحلة خروج المغلوب في إحدى بطولات FIFA لأول مرة في تاريخها بفضل دعم الجمهور المحلي المتحمس. لقد رأيت بنفسي الجهد الذي بذله اللاعبون في التحضير للبطولة، وبعد عدم تأهلهم للنهائيات في الفترة بين عامي 2000 و2008، بذل الفريق كل ما بوسعه أمام الجمهور للوصول لهذا الأداء". يبدو واضحاً أن كأس العالم لكرة الصالات 2012 كان علامة فارقة للعبة في تايلاند. وواصلت بونيابوغانا قائلة: "طوال مسيرتي المهنية التي امتدت 12 عاماً، شارك منتخب "Changsuek Toh-Lek" (الاسم المستعار الذي يطلق على منتخب تايلاند لكرة الصالات) في كأس العالم لكرة الصالات FIFA أربع مرات متتالية. وخلال تلك الفترة، رأيت هذه اللعبة تتطور وتصبح من أكثر الألعاب شعبية في تايلاند."

وقد ساهمت شعبية اللعبة في تحسين المرافق وتطور المنتخب الوطني. وفي هذا الصدد يقول الإسباني ميغيل رودريغو، مدرب منتخب تايلاند لكرة الصالات "نحن نتطور باستمرار. تايلاند تؤمن بكرة الصالات. هناك دوري للمحترفين وعدد كبير من اللاعبين المحترفين، ما يُصعّب بشدة من عملية اختيار اللاعبين المشاركين في البطولات." كان رودريغو قد عاد من الاعتزال ليتولى قيادة منتخب تايلاند لكرة الصالات للمرة الثانية بشكل مؤقت، حيث سبق له تدريبه بين عامي 2016 و2017. وكان الهدف هو التأهل إلى كأس العالم لكرة الصالات أوزبكستان 2024 FIFA™، وقد أوفى الإسباني بوعده. إذ يقول في هذا الصدد: "لقد طلبوا مني التأهل إلى كأس العالم ومن ثم محاولة صناعة التاريخ بالوصول إلى ربع النهائي لأول مرة [في أوزبكستان 2024]. لا شك أنها مهمة شبه مستحيلة، لكنني قبلت التحدي بكل سرور. وعلى سبيل المكافأة، وعدت بأنني سأقود تايلاند إلى نهائي [كأس آسيا لكرة الصالات] على أرضها، وقد تحقّق ذلك. تُقطع الوعود للوفاء بها."

تسير هذه الوعود جنباً إلى جنب مع التحسينات في كرة الصالات التايلاندية. ومن بين هذه التحسينات مركز كرة الصالات وشغيل المباريات والمكاتب التابع للاتحاد التايلاندي لكرة القدم والذي انتهى العمل به في مارس/آذار 2023 وتم تمويله من برنامج FIFA Forward باستثمار فعلي قدره 2.6 مليون دولار أمريكي. تم استخدام هذه القاعدة الخاصة بالمنتخب الوطني بالفعل كملعب تدريب رئيسي قبل كأس آسيا لكرة الصالات التي أقيمت في إبريل/نيسان. وفي هذا الصدد يقول رودريغو: "إنها منشأة رائعة ومثالية تسمح لنا بالتخطيط لجدول المنتخب دون قيود. لدينا غرف تبديل ملابس مريحة، وغرفة فيديو، وغرفة اجتماعات... أشكر FIFA والاتحاد التايلاندي على الاستثمار في كرة الصالات الذي ساعدنا في الحصول على هذه المنشأة المذهلة."

وقد ساهم ذلك في وصول تايلاند إلى نهائي كأس آسيا لكرة الصالات على أرضها وضمان التأهل إلى كأس العالم التي تحتضنها أوزبكستان في سبتمبر/أيلول. وهنا أضاف رودريغو: "من المهم جداً أن نكون قادرين على التأهل. كل خطة طويلة الأمد يضعها أي اتحاد تتضمن المشاركة في كأس العالم وهو ما يجلب المساعدة المالية والسمعة والشهرة والمكانة الدولية للبلد، كما يضمن أن يحظى منتخب كرة الصالات باهتمام كبير من اتحاد كرة القدم." وبعد ابتعاده عن تدريب أي نادٍ أو منتخب منذ 2019، أشار ميغيل رودريغو إلى سببين للعودة من الاعتزال وقبول تحدي قيادة تايلاند إلى كأس العالم لكرة الصالات هذا العام.

حيث قال رودريغو: "الصداقة التي تجمعني بالسيد أديساك بنجاسيريوان نائب رئيس الاتحاد التايلاندي وعضو لجنة كرة الصالات وكرة القدم الشاطئية في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، والحب الذي أشعر به تجاه هذا البلد." كذلك فإن العودة ستسمح له بالمشاركة في كأس العالم الأخيرة قبل الاعتزال نهائياً، وهو ما أكد المدرب أنه يعتزم القيام به. وقد قال حينها: "سيكون شرفاً لي. نحن نتحدث معاً ولا أتصوّر وجود مشكلة. أن يكون منتخب تايلاند هو المحطة الأخيرة في مسيرتي مع التدريب سيعني القيام بذلك في بلد أحبه وأخطط لقضاء فترة من حياتي فيه مستقبلاً. سأرحل وأنا سعيد ولدي عدد كبير من الأصدقاء."